مهما اختلفت الأوصاف والتسميات بين الكريساج ,التشمكير ,التقرقيب ,او التشرميل او ما قد نسمع عنه مستقبلا من نعوت وتسميات تستمد شعبيتها وانتشارها من “هلوسات “فان النتيجة تبقى واحد اعتداءات على المواطنين السطو على المنازل تهشيم واجهات المحلات التجارية والسيارات المركونة في الشوارع والأزقة .
الشرطة المعنية في المقام الأول تعمل كل مجهوداتها للحد من هذه الظاهرة ,دوريات في كل مكان اعتقالات بالجملة ورغم ذلك كل يوم نسمع أخبار عن سرقات وعن اعتداءات للمواطنين كما وقع بالأمس الجمعة عندما أقدم شاب في الثامنة وعشرين كان في حالة هستيرية سببها حالة تخدير جد متقدمة بترويع المواطنين بواسطة عصى حيث قام بتهشيم زجاج مجموعة من السيارات المركونة بشوارع التريعي وفرنسا بحي درب غلف وقبلها شاب يتسبب في عاهة مستديمة لزميله واللائحة طويلة فاين يكمن الخلل ؟
هل القضاء يتساهل في بعض الأحيان مع بعض الجرائم ؟ او ان المحاضر المنجزة من طرف الشرطة يشوبها نوع من القصور في تحريرها للوقائع بالشكل الذي يتطلب من القاضي استيعاب المخاطر الذي قام بها الجاني ؟ على كل حال يبقى المنظور الأمني محصور على فئة معينة لها أسبابها ويمكن ردعها .لكن عندما يتعاطى أطفال لا تتعدّى أعمارهم 15 سنة، للتدخين وللمشروبات الكحولية والمخدّرات، وللجريمة وتدمير الذات أمام الملأ في الشوارع والأزقة ولا نجد مخرجا امني لمحاربة هذه الظاهرة في ضل غياب مراكز إيواء تساهم في إعادة التربية لهؤلاء فإن ذلك مدعاة لوقفة تأمل عميقة وكبيرة في تمظهرات ووضعيات عيش أطفالنا .
فإن حديثنا عن ظروف عيش أطفالنا يقتضي منا استحضار البعد التربوي الوليدي والتنشئة الاجتماعية لهم، والتي تتحمل فيها الأسرة النزر الأكبر من المسؤولية. “. إنّ الأبَ، أو الأمّ، اللذين لا يستطيعان تربية أبنائهما تربيّة جيّدة، ولا يستطيعان أن يُوفّرا لهما ظروف عيشٍ تليق بكرامة الإنسان يجدُر بهما ألا يُنجبا أصلا! فليس المهمّ أن ينجب الإنسان، لكنّ الأهم “صناعة ” مواطن مفيد لنفسه ولأهله ولوطنه.
من هذا المنطلق يمكن تحديد المسؤوليات في المقام الأول للدولة التي اهتمت بالهاجس الأمني بجميع مستوياته وإتباعها لسياسة الردع الغير المواكبة للجانب السوسيواقتصادية .ويأتي في المرتبة الثانية المجتمع المدني وخاصة جمعيات حقوق الإنسان التي أصبحت غالبيتها تكيل بمكيالين في معالجة الظاهرة في تبنيها الدفاع عن مجرم دون مساندة الضحية .
وخلاصة لكل هذا تبقى المعالجة الفعالة والإيجابية والتي قد يكون لها وقع استئصالي للظاهرة مستقبلا ،يجب ان تكون استباقية وتستند إلى مقاربة شمولية يستحضر فيها البعد التربوي والتنشئة الاجتماعية والظروف الاقتصادية وطبيعة المحيط الذي يعيش فيه الشباب