هل ستتجه الوزارة نحو الغاء الاعتماد على نقط المراقبة المستمرة بعد الفضائح المتكررة التي افرزت عنها هذه التجربة والرجوع لنظام الامتحان الموحد في نهاية السنة ؟

هل ستتجه الوزارة نحو الغاء الاعتماد على نقط المراقبة المستمرة بعد الفضائح المتكررة التي افرزت عنها هذه التجربة والرجوع لنظام الامتحان الموحد في نهاية السنة ؟

لم يعد خافيا على احد  ان أكبر جريمة تربوية ترتكب داخل بعض  مؤسسات التعليم الخصوصي، هي جريمة التقييم الخاص بالتلامذة. وخصوصا عمليات التلاعب في نقط المراقبة المستمرة الخاصة بالسنة الثالثة إعدادي والثانية باكالوريا. حيث تمنح للتلامذة نقط لا علاقة لها بمستواهم التعليمي. من أجل رفع المعدلات السنوية، وتمكينهم من الحصول على الشهادة الإعدادية أو الباكالوريا. والعملية تتم بتواطؤ واضح بين بعض  الإداريين ومجموعة من الأساتذة، غالبيتهم يدرسون بالتعليم العمومي، همهم الوحيد الاستمرار في العمل بالمقابل المادي داخل تلك المؤسسات. بل إن بعض المؤسسات تعمل على مد بعض التلامذة الكسالى، بالأجوبة الخاصة. فمن المسؤول اذا ؟ الاستاذ ام الادارة المحلية او الجهوية ؟ام الوزارة؟ علما انه من المفروض ان الاستاذ ملزم بمراجعة النقط التي منحها لتلاميذه بعد صدور النتائج وسكوته عن الاختلالات ان وجدت ما يعني انه  تواطئ غير مباشر. لكن اساتذة دار بوعزة لم يتواطؤوا وفضحوا المستور ما دفع بالوزارة الاعلان عن فتح تحقيق في حصول تلاميذ على نقط رغم عدم اجتيازهم للامتحانات الجهوية في احد المواد ..

وسبق للوزارة  في عهد الوزير حصاد ان قررت منع 32 مؤسسة للتعليم الخصوصي على الصعيد الوطني  بعدما تبث في حقها  تخويلها التلميذات والتلاميذ نقطا غير مستحقة في فروض المراقبة المستمرة خلال الموسم الدراسي 2017-2016

وكانت الوزارة قد أكدت في بلاغ سابق  أنها « لن تتساهل مع مثل هذه الممارسات التي تمس بمبدأ تكافؤ الفرص بين التلميذات والتلاميذ، وبمبدأ الاستحقاق في النجاح الدراسي، وأنها ستتخذ كل الإجراءات الضرورية في حق كل مؤسسة تعليمية سيثبت في حقها تجاوزات من هذا القبيل.

فرغم ان هذا التحذير مصدره الوزارة فهي غير ملزمة به لأنه مرتبط بشخص الوزير واذا ذهب الوزير حل محله وزير اخر ليضع رؤيته الخاصة بولايته  والدليل ان هذا التحذير صدر في عهد الوفا  وبقي حبرا على ورق في عهد الوزير الحالي خاصة ادا علمنا بهيمنة وحجر مدير المؤسسة أو مالك المؤسسة، المعروف ب(مول الشكارة). والذي لا يكتفي بالتدخل في شؤون ومهام المدير التربوي، وفرض ما يريده داخل المؤسسة، بل يصر على لعب دور المدير التربوي حتى في علاقته مع المديرية الإقليمية للتعليم او أكاديمية التربية والتكوين. كما أن بعض المسؤولين الإقليميين والجهويين للتعليم، يتجاهلون المدير التربوي. ويفضلون التعامل مع المدير المؤسس الذي لا علاقة له بكل ما هو تربوي.

لان قطاع التعليم الخاص لدى البعض تحول  إلى مجرد استثمار الهدف منه الربح المادي، دون مراعاة لأهدافه التربوية وكونه بديلا لما يعيشه التعليم العمومي من إخفاقات. ودون اعتبار لما يتعرض له الآباء والأمهات من استنزاف مالي وهدر لمستقبل أطفالهم خصوصا اذا ما علمنا ان العديد  من أولياء أمور تلامذة قطاع التعليم الخاص يشتكون من قصور الأداء التربوي لمجموعة من المؤسسات التعليمية ناهيك عن ضعف البنية التحتية لبعض المؤسسات وارتفاع المصاريف المالية لولوجها مقارنة مع عطاءها التربوي. سواء تعلق الأمر بمصاريف التعليم أو النقل أو التأمين وضعف تدخل الوزارة الوصية على مستوى التتبع والمراقبة والإشراك الفعلي والمشاركة إلى جانب مؤسسات التعليم العمومي وتغاضي  جل المؤسسات الخصوصية عن تأسيس جمعيات آباء وأولياء أمور التلامذة. لتفادي ما قد تتعرض له من انتقادات رسمية وتكتلات قد تعرقل أهدافها ومراميها. وبالمقابل فإن إدارات تلك المؤسسات تستفرد بكل أب أو أم على حدة وإرغامه على القبول بتنفيذ قراراتها التي غالبا ما تكون صادرة عن مالكيها البعيدين كل البعد عما هو تربوي صرف. كما يجعلها تستفيد ماديا من تنظيم أنشطة موازية ورحلات استكشافية وسياحية.. بل إن هناك مؤسسات تعليمية فتحت محلات بقالة داخل فضاءها في غياب أية مراقبة أو حماية للتلامذة.

ان عملية الاختلالات في منح نقط المراقبة المستمرة  أدت إلى ترسيخ ظاهرة التمييز بين نتائج التلامذة المنتمين للقطاعين العام والخاص. هذا التمييز لم يعد حديث الشارع المغربي، فقط بل امتد إلى داخل الوزارة ومديرياتها الإقليمية. ويتجلى هذا التمييز نهاية كل موسم دراسي. وعند الاحتفال بالتلامذة المتوجين. حيث تلجأ معظم المديريات إلى وضع لوائح المتفوقين الخاصة بتلامذة القطاع الخاص وحدهم. ويتم تتويج المتصدرين مثلا لنتائج الباكالوريا في كل الشعب بالقطاعين العام والخاص كل على حدة. مما يبين عدم ثقة الوزارة في تقييم القطاع الخاص

 ويكفي الرجوع إلى بيانات نقط عدة مؤسسات خاصة للوقوف على أن هناك تلاميذ حاصلين على نقط تقارب 20 من 20 في المراقبة المستمرة، في الوقت الذي تجد فيه نقطهم الخاصة بالامتحانين الجهوي والوطني لا تتعدى 4 أو 5 من 20…مما يحتم على الوزارة اتخاد التدابير اللازمة في حق المخالفين لكن الامر معقد ومهيمن عليه من طرف لوبي يعرف قواعد اللعبة .

لقد اصبحت المراقبة المستمرة هي الوسيلة السهلة للنجاح خارج دائرة الاختبار حيث أفرزت عدة ظواهر سلبية في المنظومة التعليمية , وفتحت باب التلاعب على مصراعيه أمام بعض المؤسسات الخصوصية التي استغلت هذه الوسيلة  لتتقوى على حساب المدرسة العمومية التي أصبح تلامذتها يستشعرون نوعا من «الحكرة « الاجتماعية ومن انعدام تكافؤ الفرص بينهم وبين تلاميذ التعليم الخصوصي. كما تعتبر المراقبة المستمرة ايضا عامل  من العوامل القوية التي ساهمت في انتشار مؤسسات التعليم الخصوصي في المستوى الثانوي علما ان غالبية الاسر كانت تكتفي بتدريس ابنائها في التعليم الخصوصي في المستوى الابتدائي أو الاعدادي وبعد ذلك يستكملون دراستهم في التعليم العمومي, ولكن طوق النجاة من الفشل جعل حلم  نقطة المراقبة تتحمل  غلاء تكلفة التعليم الخاص لضمان انتقال مريح لأبنائها, مما حذا ببعض مؤسسات التعليم الخصوصي لرفع تكلفة التمدرس لكونها تمنح نقطا عالية ,مستغلة تهافت الاباء طمعا في حصول ابنائهم على معدلات عالية تخول لهم ارتياد المعاهد والمدارس الكبرى..

.والطامة الكبرى ان احدى المؤسسات الخصوصية في الجديدة تسجل التلاميذ الراسبين في الاعدادي كمؤهلين في السلك الثانوي التأهيلي .واخرى تسجل المرحلون في منتصف السنة الدراسية من التعليم العمومي بعض حصولهم على معدلات ضعيفة مما يكرس التلاعب المفضوح  وما خفي كان أعظم..

إن واقع الحال وما عرفته منظومة التعليم من اختلالات وتجاوزات في مجال نقط المراقبة المستمرة وصل حد الاتجار, يدعو إلى مراجعة هذا الإجراء الذي أبان عن مجموعة من الاختلالات وساهم في القضاء على المدرسة العمومية , وصل معه الحد إلى المطالبة بحذف المراقبة المستمرة وسد الباب في وجه المتاجرين بمستقبل تلامذتنا وجيوب أسرهم , والرجوع لنظام الامتحان الموحد في نهاية السنة الذي يضمن مبدأ تكافؤ الفرص للجميع .ويضع الجميع سواسية أمام الاختبار.