الى متى ستضل بعض الخرابات باسم الثرات حاجزا امام تنمية المدينة وتطوير عمرانها

الى متى ستضل بعض الخرابات باسم الثرات  حاجزا امام تنمية المدينة  وتطوير عمرانها

 

20190226_091647 copy

قد يكون العنوان فيه نوع من القساوة بالنسبة لمحبي الثرات لكن قد يلتمسوا لي العذر امام هذا التشويه الذي أصبحت تبدو عليه بعض البنايات التاريخية   وفي اماكن حساسة وسط المدينة التي تمثل نموذجا للحياة الاجتماعية و الإنسانية وتشكل المنتجات المعمارية إحدى نماذج هذه الحياة .

 لا احد يمكن ان ينكر تاريخه ولا احد يستطيع  محو الماضي  الذي يمثل فترة من فترات  مشرقة في تاريخ المدينة وجزءاً من هويتها.كما ان لا احد ضد تطور وتنمية المدينة لترقى الى مستوى  المدن الكبرى لذا فنحن  امام معادلة يبدو من خلالها  ان الامر توقف في المدينة واصبح له اتجاه ثالت ادى الى تخريب معالم تراثية وافقدها القيمة التاريخية  واصبحت تبدو كخرابة مشوهة لجمالية المدينة الملقبة بالجديدة وتشكل خطورة على المواطنين .

كيف يعقل ان ندعي اننا نحافظ على اماكن  تاريخية تراثية وفي نفس الوقت  نتركها تواجه لوحدها مصيرا مجهولا ادى الى  جعلها تعاني  إجحافا كبيرا على أكثر من مستوى فلا هي حظيت  بالاهتمام اللازم على مستوى الترميم والمحافظة ولا هي وقعت  في صلب مخططات اقتصادية أو تنموية

لم يعد الجدل اليوم قائما حول مدى الاهمية التي يشكلها الموروث الثقافي الانساني في تحقيق مجموعة من الأهداف المتعددة الأهداف، فالموروث الثقافي أو التراث الثقافي اليوم أصبح من المرتكزات الاقتصادية المهمة في العديد من الدول التي انخرطت في تجربة تأهيل تراثها واستغلاله في تحسين اقتصاداتها والرفع من مداخيلها وتنشيط سياحتها، مثلما هو الحال في بعض الدول الأوربية والاسيوية وعلى راسهم تركيا  التي جعلت من تراثها الثقافي أساسا قويا لبناء اقتصاد متميز خلق رواجا تجاريا بداخلها ورفعت من رواجها السياحي واستطاعت ان تحول بعض المباني التاريخية من مكانها بعد ان اصبحت عائقا في تطوير عمرانها  عن طريق تقنية متطورة جعل منها  خير دليل على أن التراث الثقافي لا يختزل في بعده الجمالي أو الرمزي، وإنما له أيضا في بعده الاقتصادي ما جعل مسالة التهيئة العمرانية تصبح  من المسائل التي أصبحت تحظى بالأولوية على خارطة التنمية ، لدى الدول بمختلف مشاربها الفكرية وتوجهاتها الإيديولوجية .

فإذا كان التراث هو لسان التاريخ الذي ينطق بالوقائع والأحداث من خلال ما تبقى من مظاهره وما وصل إلى الأجيال اللاحقة من شذراته سيسجل ايضا التاريخ ما تعرضت له هذه المعالم في هذا العصر  من اهمال ومزايدات سياسية واقتصادية ادت الى ركود تنموي دفع بأصوات جمعوية تندد بهذه الحالة المزرية .

ان الاهتمام بالتراث  وملاءمته مع التنمية الحالية سيبعد عنه شبح البنايات الآيلة للسقوط  وسيرد الاعتبار لتراتنا المحلي وسيساهم في اعطاء اشعاع متميز حول جمالية المدينة ناهيك عن المنافع الاقتصادية التي يمكن جنيها بجعله مادة خام لجذب السياح .

فأمام هذه اللامبالاة  اضحى الامر مثير للتسائل حول  الجهة المخول لها الاهتمام بالتراث امام تعدد الاختصاصات في المجال العمراني  .فمرجعيته  الثقافية  تحيله  الى المديرية الاقليمية للثقافة وانتمائه الجغرافي يعد من اختصاص الجماعة الحضرية وتعميره يطفي على انتمائه صبغة السكنى والتعمير وبعده السياحي يجعل منه رواجا تابع للمديرية الاقليمية للسياحة واهميته المدنية تجعله موضوع الاهتمام لدى المجتمع المدني لدا اضحى الامر يتطلب تكوين لجنة مختلطة تسهر على تنفيد مخطط مدروس لا يجب أن ينظر إلى الثرات  من الناحية الرمزية فقط، أي كونه عبارة عن مخلفات الماضي وموروث الأجداد لان هذه  النظرة ستبقى  محدودة الأفق بالنظر إلى التحولات التي تطرأ الآن على العالم الذي أصبح يتغير بصورة سريعة وانما ينظر الى  التراث  قاطرة للتنمية ومسار نحو المنفعة المتبادلة مع الأخذ بعين الاعتبار ما تمارسه العولمة الآن من هجوم ثقافي للشعوب المتقدمة على شعوب العالم الثالث، وهنا تكمن أهمية التوظيف التنموي للتراث الذي يمكن أن يحقق لنا عدة اهداف  في آن واحد وبمنفعة أكبر.

ولتحقيق المراد لابد من اتخاد قرار استعجالي من اعلى سلطة في المدينة ، يستحضر في مضمونه ما هو تربوي وفني وأمني وقانوني بعيدا عن كل المزايدات السياسية من اجل تحقيق المعادلة المرتكزة على المحافظة على الثرات باعتباره جزءا من الهوية، وفي نفس الوقت تحقيق التنمية الاقتصادية للوصول الى الهدف المنشود . 20190226_092049 copy

20180120_075548 20180120_075559 20180120_075640 20180120_075655 20180120_075705


20180120_075909 20180120_075132