قانون الصحافة ” جا يدويها اعورها ” وجعل من كل العاملين في عيادة واحدة اطباء
![قانون الصحافة ” جا يدويها اعورها ” وجعل من كل العاملين في عيادة واحدة اطباء](https://aljadida24.com/wp-content/uploads/2019/05/2_9.jpg)
قبل توضيح ما جاء في العنوان لابد من الاشارة والتعريف بمن هو الصحافي ومن هو الاعلامي لان الفرق بينهما شاسع فالصحافي يمكن ان يكون اعلامي لكن الاعلامي لا يستطع ان يكون صحافيا .
وقبل وهذا وذاك لابد ان نعلم ان كلمة صحفي كلمة عربية قديمة. كانت في السابق تقال لمن يجلب المعلومات من الكتب دون معلم. فكانوا عند المناقشات الأدبية يعيبون على من ليس له شيخ أو معلم وينعتونه بكلمة صحفي لكن قبل هذا كانت تقال لمن كان يصحف ويخلط بالمصحف الشريف قبل تشكيل وتنقيط لغة القران وهذا يعني ان الصحفي كان يجتهد ويبحث ويتحدى المنطق فتطورت الكلمة واصبحت بمدلولها الحالي ان الصحافي لا يهتم بنقل الخبر وانما يهتم ايضا بالتفسير والتعليق على الخبر .
اما الاعلامي فهو ما كان يسمى قديما ب”البراح” يذيع الخبر أي يخبر الناس ويعلمهم بحدث ما دون ان يدخل في تفاصيل وشرح حيثيات الموضوع .
وهنا نكتشف ان الفرق بين الاعلامي والصحفي شاسع ويتميز هذا الفرق في العلم والموهبة والمعرفة والدراية وهذا يحيلنا الى التأكيد ان الصحافة موهبة فنية يتميز بها اشخاص وهبهم الله حب الكتابة كالشعراء والادباء بمعنى ان المستوى الدراسي ليس مقياس لكي تكون صحافيا او شاعرا او اديبا .وهذا يفند انتحال الصفة التي اقرها القانون الجديد لانه لم يكن يوما الشاعر والاديب والصحافي منتحلا للصفة مادامت ابداعاته تشفع له عن ذلك .
ومع التطور الحضاري وقع تزاوج بين المشهد الاعلامي والصحافي وتميعت الامور مع التكنولوجية الحديثة وافتقدنا المصداقية في نقل الخبر واندثرت التحاليل الصحافية واختلطت الامور بين الصحافي والاعلامي واصبحت ” كوبي كولي” طاغية على المشهد ككل خاصة وان الصورة حلت محل الكلمة وبقيت بكماء كالسراب تنقل واقع دون تحليل صحفي يوضح تلك الصورة اكثر ويبعدها عن تأويلات قد تغير الحقيقة .
وهنا جاء هذا القانون الجديد لينظم هذا الميدان لكنه خرج من الخيمة مائلا فاصبح موضع انتقاد لعدة اسباب لن ادخل في تفاصيل بنوده لأنها ستعري عوراته اكثر وانما اكتفي بان اقول ان القانون صنعه اولا اعلاميون تضرروا من ما سموه فوضى ووضعوا بنوده على مقاسهم وصوت عليه في البرلمان برلمانيون ليسوا بصحفيين اواعلاميين حتى يناقشوه ويفهموا تناقضاته.
اولا اخطأ القانون عندما جعل الصحافة مهنة دون الاشارة الى انه يمكن ان يمارسها اخرون كهواية وهو ما نص عليه الدستور في حرية الابداع والتعبير . ووالخطا الفادح هو عدم التزام بشروط هذه المهنة وكان بالأحرى التقيد بمبدأ التخصص فالطبيب يتخرج من كلية الطب والمهندس من معهد الهندسة اذا الصحافي يجب ان يكون متخرجا من معهد الصحافة والا فان كل دكتور في احدى العلوم يحق له ان يمارس الطب او الصيدلة.
اكد القانون على الزامية انشاء المقاولة وهنا مربط الفرس فتح الباب على مصراعيه امام ” اصحاب اشكارة” ان يمارسوا الصحافة دون ان يكون لهم مستوى ولا موهبة مقصيا بذالك فئة كبيرة من رجال التعليم وبعض الموهوبين الصحافيين اللذين راكموا تجربة كبيرة يشهد لها التاريخ ما جعل منطق التجارة والربح والخسارة مسيطرا على هاجس اصحاب هذه المقاولات الشيء الذي جعلهم يتضايقون من ممارسين اخرين في الميدان مشهرين ورقة المهنية والملائمة التي تتعارض مع دستور المملكة الذي يعتبر اسمى قانون في البلاد ما سيعرض المجال الصحافي والاعلامي الى الخطر لان هذه المقاولات ستهتم بمنطق الربح والخسارة في التسابق نحو الاشهارات ويضيع معه المقال الصحفي دو الحمولة التحليلية والآراء المؤطرة للشباب والمساهمة في التنمية وستكتفي المقاولة بنشر اخبار الاجرام والحوادث وكل ما له علاقة بالإثارة ومن المحتمل ان يبتكروا فكرة اختلاق مواضيع الاثارة على شاكلة كذبة ابريل .
لم يستفد القانون الجديد من الظهير الشريف المنظم للحريات العامة ولم يعر اهتمام لدستور المملكة ما جعله موضع انتقاداتالعديد من الجهات .
فالحق في الحصول على المعلومة وحرية التعبير والابداع وعدم رجعية القوانين الذي نص عليهم الدستور لم تاتي من العبث وانما حق مكتسب فطن له المشرع حتى لا يترك المجال للمتاجرة في الصحافة والاعلام ويكرس مبدا الفوضى وكان على مهندسي هذا القانون ان يكتفوا ببند واحد في قانونهم ينص على معاقبة كل من نشر خبر زائفا او قام بكوبي كولي لخبر وتحريفه دون علم صاحبه وسيتم بهذه العملية ردع كل من سولت له نفسه زرع البلبلة في البلاد وستتم غربلة المشهد ولن يخلد الا الصحيحون .
وهنا يمكن ان نستشف ان القانون الجديد ” جا يداويه اعور ليه عينيه “